فصول ومسائل تتعلق بالمساجد
الفصل الثاني في فضل بناء المساجد وعمارتها
بعد أن عُرف فضل هذه المساجد وشرفها، فقد ورد ما يدل على فضل بنائها وعمارتها رأس> الحسية والمعنوية، فمن ذلك ما رواه البخاري اسم> ومسلم اسم> عن عثمان اسم> -رضي الله عنه- أنه قال لما بنى مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنكم أكثرتم عليّ، وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: رسم> من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتا في الجنة متن_ح> رسم> وفي رواية: رسم> بنى الله له في الجنة مثله متن_ح> رسم> .
وعن أنس اسم> رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> من بنى مسجدا صغيرا أو كبيرا بنى الله له بيتا في الجنة متن_ح> رسم> (رواه الترمذي) حديث> وعن عمرو بن عبسة اسم> -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> من بنى لله مسجدا ليذكر الله فيه بنى الله له بيتا في الجنة متن_ح> رسم> (رواه النسائي اسم> ) حديث> .
وعن عمر بن الخطاب اسم> -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: رسم> من بنى مسجدا يذكر فيه اسم الله بنى الله له بيتا في الجنة متن_ح> رسم> (رواه ابن ماجه اسم> وابن حبان اسم> في صحيحه) حديث> .
وعن علي اسم> رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> من بنى لله مسجدا من ماله بنى الله له بيتا في الجنة متن_ح> رسم> [رواه ابن ماجه اسم> ] حديث> . وله عن جابر اسم> رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> من بنى مسجدا لله كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة متن_ح> رسم> [وإسناده صحيح] .
وعن عبد الله بن عمرو اسم> قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا أوسع منه في الجنة متن_ح> رسم> [رواه أحمد اسم> وفيه الحجاج بن أرطاة اسم> متكلم فيه] . وعن واثلة بن الأسقع اسم> رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: رسم> من بنى مسجدا فصلى فيه بنى الله -عز وجل- له في الجنة أفضل منه متن_ح> رسم> [رواه أحمد اسم> والطبراني اسم> وفيه: الحسن بن يحيى اسم> ضعفه الدارقطني اسم> ووثقه أبو حاتم اسم> ) .
وعن ابن عباس اسم> عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة متن_ح> رسم> [رواه أحمد اسم> والبزار اسم> وفيه: جابر الجعفي اسم> وفيه ضعف] .
وعن أبي ذر اسم> عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> من بنى لله مسجدا قدر مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة رسم> [رواه البزار اسم> والطبراني اسم> في الصغير، والبيهقي اسم> وابن حبان اسم> في صحيحه، كما في الإحسان من طريق الأعمش اسم> عن إبراهيم التيمي اسم> عن أبيه، قال في مجمع الزوائد: ورجاله ثقات) .
وعن ابن عمر اسم> قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة متن_ح> رسم> [رواه البزار اسم> والطبراني اسم> وفيه: الحكم بن ظهير اسم> وهو متروك] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> من بنى بيتا يعبد الله فيه من مال حلال بنى الله له بيتا في الجنة من در وياقوت رسم> [رواه الطبراني اسم> في الأوسط والبزار اسم> وفيه: سليمان بن داود اليمامي اسم> وهو ضعيف] .
وعن عائشة اسم> قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة متن_ح> رسم> قالت: وهذه المساجد التي في طريق مكة؟ قال: (وتلك) [رواه البزار اسم> والطبراني اسم> في الأوسط وفيه: كثير بن عبد الرحمن اسم> ضعفه العقيلي اسم> وذكره ابن حبان اسم> في الثقات] .
وعن عائشة اسم> عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> من بنى لله مسجدا لا يريد به رياء ولا سمعة بنى الله له بيتا في الجنة رسم> [رواه الطبراني اسم> في الأوسط، وفيه المثنى بن الصباح اسم> ضعفه القطان اسم> ووثقه ابن معين اسم> في رواية، وضعفه في أخرى] .
وعن أبي بكر الصديق اسم> -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة متن_ح> رسم> [رواه الطبراني اسم> في الأوسط، وفيه: وهب بن حفص اسم> وهو ضعيف] وعن أبي هريرة اسم> عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة متن_ح> رسم> [رواه الطبراني اسم> في الأوسط وفيه المثنى بن الصباح اسم> ضعفه القطان اسم> ووثقه ابن معين اسم> في إحدى الروايات) .
وعن ابن عباس اسم> قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> من بنى لله مسجدا يراه الله بنى الله له بيتا في الجنة، فإن مات من يومه غفر له، ومن حفر قبرا يراه الله بنى الله له بيتا في الجنة، وإن مات في يومه غفر له رسم> [رواه الطبراني اسم> في الأوسط، وفيه: عمران بن عبيد الله اسم> قال البخاري اسم> فيه نظر، وضعفه ابن معين اسم> وذكره ابن حبان اسم> في الثقات] .
وعن أبي أمامة اسم> قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> من بنى لله مسجدا بنى الله له في الجنة أوسع منه متن_ح> رسم> [رواه الطبراني اسم> في الكبير، وفيه: عدي بن يزيد اسم> وهو ضعيف] .
وعن أسماء بنت يزيد اسم> قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة متن_ح> رسم> [رواه الطبراني اسم> ورواه أحمد اسم> بلفظ: رسم> فإن الله يبني له بيتا أوسع منه في الجنة متن_ح> رسم> ورجاله موثوقون] .
وعن نبيط بن شريط اسم> قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة رسم> [رواه الطبراني اسم> في الأوسط والصغير، وشيخ الطبراني اسم> فيه كذبه صاحب الميزان] .
وعن أبي قرصافة اسم> أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: رسم> ابنوا المساجد وأخرجوا القمامة منها، فمن بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة. قال رجل: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذه المساجد التي تبنى في الطريق؟ قال: نعم، وإخراج القمامة منها مهور الحور العين رسم> [رواه الطبراني اسم> في الكبير وفي إسناده مجاهيل] .
هكذا أورد هذه الأحاديث أو أكثرها المنذري اسم> في الترغيب والترهيب، والهيثمي اسم> في مجمع الزوائد، ومجموعها يدل على أن الحديث متواتر حيث رواه ثمانية عشر من الصحابة، وبعضهم روى حديثين كابن عباس اسم> وعائشة اسم> وأبي هريرة اسم> رضي الله عنهم، وما في بعضها من الضعف ينجبر برواية الآخرين، فيدل على القطع بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رغب في بناء المساجد.
وقد اشترط في أكثرها أن يكون البناء لله تعالى، أي: يريد به وجه الله والدار الآخرة، لا يريد به رياء ولا سمعة، ولا يتمدح به، ولا يمن به على المصلين، وإنما يقصد الأجر من الله تعالى، وذلك شرط ثقيل، وعلامة ذلك أن يخفي نفسه، أو لا يحب ذكر فعله على وجه الإعجاب بعمله، وقد جعل ثوابه على ذلك أن يبنى الله له بيتا في الجنة، وهذا أجر عظيم، فقد ورد أن رسم> موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها متن_ح> رسم> .
وقوله في بعض الأحاديث: رسم> ولو كمفحص قطاة متن_ح> رسم> أي: الموضع الذي تصلحه من الأرض لبيضها، ولكنه أراد المبالغة في الصغر، حتى لا يحتقر أحد ما بناه من المساجد ولو في غاية الصغر، وقد يدخل في ذلك من ساهم في بنائه ولو باللبن أو الطين، أو عمل فيه بيده، أو دفع أجرة العاملين، ونحو ذلك من العمل الذي ينسب إلى صاحبه أنه ساعد في بناء المسجد بنفسه أو ماله، احتسابا وطلبا للأجر المرتب على ذلك، وهو أن يبني الله له مثله، أو أوسع منه في الجنة.
حيث إن البيت في الجنة لا يقاس بما في الدنيا، ولا نسبة بينهما، وذلك مما يدفع من وسع الله عليه إلى المسارعة في الخيرات، واغتنام الفرصة في هذه الحياة، فيقدم لآخرته ما يجد ثوابه مضاعفا عند ربه أضعافا كثيرة.
ثم إنه يستحب عدم الزخرفة والتباهي في المساجد، فقد ذكر البخاري اسم> عن أنس اسم> قال: رسم> يتباهون بها ثم لا يعمرونها رسم> [وهذا الحديث رواه أحمد اسم> والدارمي اسم> وابن ماجه اسم> وغيرهم بلفظ: رسم> لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد متن_ح> رسم> وفي رواية: رسم> يأتي على أمتي زمان يتباهون بالمساجد ولا يعمرونها إلا قليلا متن_ح> رسم> ].
وروى ابن ماجه اسم> عن عمر اسم> رضي الله عنه مرفوعا: رسم> ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم متن_ح> رسم> . وذكر البخاري اسم> عن ابن عباس اسم> قال: رسم> لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى متن_ح> رسم> .
ولابن حبان اسم> وأبي داود اسم> عن ابن عباس اسم> مرفوعا: رسم> ما أمرت بتشييد المساجد متن_ح> رسم> . قال البخاري اسم> وأمر عمر اسم> ببناء المساجد، وقال: أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس .
وقد كثر التباهي في هذه الأزمنة بالمساجد، وأسرفوا في زخرفتها وكثرة الإنفاق عليها، وقد أفتى المشايخ بجواز تشييدها إذا شيدت المساكن والمنازل، حتى لا تكون المساجد مشوهة حقيرة بالنسبة إلى البيوت والمنازل، لكن بدون الإسراف والمبالغة في الزخرفة والرفع، وكثرة الإنفاق والألوان والأصباغ، والتنوع في ما يصرف فيها من الخزف والبلاط، والفرش مما لا حاجة إليه، فهناك مساجد بحاجة إلى أدنى عمارة.
مسألة>